" الحمد لله، والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه.
حضرات السيدات والسادة،
إن احتضان المغرب لهذا الملتقى، برعايتنا السامية، هو مبعث ارتياح واعتزاز، لما يحظى به القطاع السياحي لدى جلالتنا من اهتمام بالغ وعناية فائقة.
إن هذا الاهتمام ينطلق من عوامل موضوعية، توفر للمغرب كل أسباب الاستقطاب السياحي، من تنوع للمشاهد الطبيعية، يجمع بين الشواطئ الفيحاء والجبال المجللة بالثلوج، والصحراء المرصعة بكثبان الرمال الذهبية، وامتداد سواحله الرملية على طول 3500 كيلومتر، على ضفتي المحيط الأطلسي والبحٍر المتوسط، وكذا ما يختزنه المغرب من تراث حضاري، تراكم عبر ثلاثة آلاف سنة، متمثلا في الآثار التي خلفتها الحضارات الكبرى للفنيقيين والرومان والبيزنطيين، والدول المغربية المتعاقبة عليه، التي حققت الامتزاج بالحضارة الأندلسية ، يضاف إلى ذلك موقع المغرب، الذي لا يبعد بأكثر من ثلاث ساعات بالطائرة، عن أهم العواصم المصدرة للسياح في أوروبا.
وبذلك استحق المغرب أن يكون قبلة للسياحة العالمية بامتياز، سواء بهذه المؤهلات الطبيعية والحضارية، أو بتشبع المغاربة بالتسامح والانفتاح على التعددية الثقافية، واحترام كل العقائد الدينية، مع التحلي بكرم الضيافة.
إن هذا الرصيد الغني بالإمكانات هو الذي جعلنا نعقد العزم على استثماره سياحيا، على أفضل وجه ممكن، في إطار استراتيجية سياحية طموحة وواقعية، تعتمد الشراكة التعاقدية بين القطاع العام والقطاع الخاص، حددنا هدفها في الانتقال من رقم أربعة ملايين سائح، إلى اجتذاب عشرة ملايين زائر في أفق العشرية المقبلة.
وقد قر عزم المغرب على مضاعفة المؤسسات الفندقية ثلاث مرات، بمختلف أماكن الاستقطاب السياحي الشاطئية والثقافية، لتبلغ نحو 230 ألف سرير. كما أنه منكب حاليا على إنشاء عدد من المحطات السياحية، على السواحل والمواقع التراثية، موفرا لها الشروط الملائمة للاستثمار الخاص. وإننا لننتهز هذه المناسبة لدعوة المستثمرين، لا سيما في القطاع الفندقي، القادمين من البلدان العربية الشقيقة وغيرها، للاستفادة من الفرص الثمينة والواعدة، التي تتيحها الدينامية السياحية التي يشهدها المغرب حاليا ؛ منوهين بانخراط المستثمرين في تفعيل هذه الاستراتيجية، التي انتقل بلدنا بفضلها من توفير 1500 سرير سنويا، في نهاية 1990، إلى تدشين ما يناهز 9000 سرير جديد سنة 2003 .
إن ما يحفز بلدنا على بذل هذه الجهود، لبلوغ هدف عشرة ملايين سائح، هو ما حققته السياحة في جنوب المتوسط، وفي المغرب خاصة، من نمو متزايد سنة 2004 تمثل في 17 في المائة، برغم ما شهده العالم من حوادث إرهابية سنة 2001، متمكنا بذلك، ولأول مرة في تاريخه، من تجاوز رقم خمسة ملايين سائح.
ومع ذلك، فإننا لن نكتفي بما توفره البلدان الأوروبية التي تشكل المصدر الأول للسياحة في العالم، وإنما نراهن أيضا على تنمية السياحة العربية، إيمانا منا بالدور الثقافي للتبادل السياحي، ومساهمته في تمتين الروابط الأخوية بين شعوبنا الشقيقة.
وفي هذا الإطار، فإن حكومتنا تعمل بتوجيهاتنا، لدعم جهود مختلف وكالات الأسفار، ومنظمي الرحلات السياحية الموجودة في البلدان العربية، الراغبة في تشجيع مواطنيها على التوجه نحو المغرب.
حضرات السيدات والسادة، إن هذا التوجه الاستراتيجي نحو إقامة بنيات سياحية، تغطي كل المناطق الترفيهية والثقافية في المغرب، مع توفير كل مقومات الجاذبية والرفاهية والاكتشاف، يندرج في إطار خيار وطني لا رجعة فيه، يستهدف، ليس فقط دعم المغرب كبلد منفتح على الثقافات، ومساهم في حوار الحضارات، ومتعايش مع مختلف الشعوب، في وئام وسلام، وإنما يندرج أيضا في سياق التنمية الشاملة، لأنه سيوفر نحو ثمانين ألف منصب شغل، بحلول سنة 2010، في وحدات الإيواء، فضلا عن كونه سيوفر فرص الإنتاج لمئات الآلاف من المهنيين المرتبطين بالنشاط السياحي في الصناعة التقليدية والتجارة والنقل والترفيه.
وإذ نرحب بكل المشاركين في هذا الملتقى، الذي يعتبر فرصة لاكتشاف مؤهلات المغرب، والوقوف على إرادته الحازمة في تحقيق النقلة النوعية في مجال السياحة، نتمنى لكم، حضرات السيدات والسادة، مقاما طيبا في بلد عريق في كرم الضيافة، موقنين بأن أعمالكم ستكون جادة ومثمرة، ومكللة بالتوفيق والنجاح.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته".