أصحاب الفخامة والسعادة والمعالي،
إذا كانت التنمية البشرية للشعوب الإفريقية، تحتل مكان الصدارة في أجندة هذا المؤتمر الدولي، فإنها تندرج أيضا في صلب اهتمامات المغرب، باعتبارها تشكل أكبر التحديات التي يعمل على رفعها.
ولهذه الغاية، أطلقنا سنة2005 ، المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، ليس بدافع تقديم المساعدات الظرفية، أو للقيام بأعمال خيرية، إرضاء للوازع الأخلاقي فحسب، وإنما من منطلق رؤية شمولية، تتكامل فيها الأبعاد السياسية والاجتماعية والاقتصادية، والتربوية والثقافية والمجال البيئي. غايتنا بناء مجتمع مغربي متضامن. قوامه الديمقراطية السياسية، والفعالية الاقتصادية، والشراكة الاجتماعية.
ومن هذا المنظور الاستراتيجي المتكامل، حددنا لهذه المبادرة، التي تضع الإنسان في صلب المسار التنموي، ثلاثة أهداف رئيسية، نحرص على بلوغها في آمادها المحددة، في مجموع التراب الوطني، ولاسيما لفائدة الفئات والجهات الأكثر خصاصة. وذلك حسب حاجيات كل جهة وخصوصياتها البشرية والمجالية، وما تقتضيه من طابع استعجالي.
ويأتي في المقام الأول، العمل على تدارك العجز الاجتماعي، والتصدي لمظاهر التهميش والإقصاء، بتوسيع دائرة الاستفادة من البنيات التحتية، والخدمات الاجتماعية الأساسية، في مجالات الصحة والتعليم ومحو الأمية، وتوفير الماء الشروب، والكهربة القروية، وفك العزلة عن المناطق النائية والصعبة، ومحاربة التصحر.
وتهدف هذه المبادرة في المقام الثاني، إلى السهر على خلق الأنشطة المدرة لفرص التشغيل والدخل القار، فضلا عن هيكلة القطاع غير المنظم، الذي تشكل أنشطته نسبة هامة داخل مختلف مكونات النسيج الاقتصادي.
أما في المقام الثالث، فتتوخى العمل على مساعدة الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، لا سيما النساء والأطفال منهم، الذين يعانون ظروفاً معيشية صعبة، أو يعيشون في فضاءات متسمة بالهشاشة والإقصاء الاجتماعي.
وقد حرصنا أن تقوم هذه المبادرة التنموية الواعدة، على مقاربة تشاركية وتشاورية وإدماجية، تمكن الفئات المستفيدة من المشاريع المبرمجة، من تبنيها وامتلاكها. وهذا ما يجليه التجاوب الكبير والانخراط القوي للمستهدفين منها، بتنسيق وتعاون مع كل الفاعلين المعنيين، ومكونات النسيج الجمعوي. مما أفضى إلى نتائج ملموسة، ساعدت في غضون السنوات الثلاث الأولى لإطلاقها، على الحد من نسب الفقر والبطالة، بشكل ملحوظ، لاسيما في المناطق القروية.
وعلى هذا الأساس، فإن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، تستجيب لنفس المبادئ الرئيسية، التي تبناها مؤتمر طوكيو الدولي للتنمية في إفريقيا. كما تندرج ضمن أهداف الألفية للتنمية.